الظاهرة الغريبة ستيغمانا(خروج الدم من الجسم)

ستيغماتا Stigmata هي من أكثر الظواهر ندرة في عالم ما وراء الطبيعة وتتمثل بحدوث متكرر لآثار جروح ونزيف دم يخرج من أنحاء مختلفة من جسم الانسان وتحديداً في المواضع الناتجة عن آثار الصلب ولكن بدون أي إشارة لوجود ضرر مرئي على الجلد على الرغم من أنه يسبب معاناة قوية!. ارتبطت تلك الظاهرة بما يؤمن به الكثيرون من أتباع الطائفة الكاثوليكية المسيحية حيث يرون أنها
 معجزة وتجسيد حي لآلام صلب المسيح، وبأنها منحة من الله وتجعل من الشخص الذي تحدث له إنساناً يحس بآلام المسيح فتقوي صلته بربه وتحفه الملائكة وتمنحه القدرة العلاجية (المسيح كان يمسح المرضى فيشفون بإذن الله) إلى درجة يمكن له أن يصبح قديساً Saint في نظرهم أو تقوم الكنيسة بتطويبه.


شهد القرن العشرون إحدى أهم حالات الحدوث لتلك الظاهرة وهو الإيطالي بادريه بيو الذي تحمل آثار النزيف لعشرات السنين واعتبرته الكنيسة الكاثوليكية قديساً. بدأت تلك الظاهرة تحدث له منذ نعومة أظفاره حيث اعتقد في ذلك السن أنه كان قادراُ على رؤية تجليات السيدة العذراء والسيد المسيح وذهب إلى أبعد من ذلك عندما افترض أن كل انسان يستطيع رؤيتهم. استمرت عنده الرؤى حتى سن البلوغ وإلى أن أصبح راهباً كبوشياً، كانت الرؤى تزداد قوة وظلاماً ، حيث يدعي أن الشيطان ظهر له في غرفته في إحدى المرات بشكل كلب أسود وضخم يزمجر بعينين حمراوين متوهجتين، وكان أول حدوث لظاهرة ستيغماتا لديه في أوائل عام 1911 حيث كتب في رسالة أنها كانت بشكل علامات حمراء على يديه وقدميه تسبب ألماً مبرحاً. وبدأت الجروح تظهر أكثر فأكثر للعيان حيث أن بعضها استمر بالنزيف لبقية حياته. ولطالما كان يصلي لكي تختفي تلك الجروح لأنها تسبب إحراج له على الرغم من أنه لم يكن يصلي لزوال الألم الذي يشعر به. إلا أنها لم تختفي واستمرت في الظهور واستمرت كذلك رؤيته للشيطان بأشكال تراوحت بين فتاة راقصة عارية والبابا بيوس العاشر والقديس فرانسيس إلى السيدة العذراء نفسها. ويبقى السؤال كم كان صعباً عليه أن يميز بين الرؤية القادمة من الله والآخرى القادمة من الشيطان أو من الجحيم ؟ ، توفي بادريه بيو في عام 1968 حيث رافقته ظاهرة ستيغماتا (آثار الصلب) حتى مماته. خلال الألفي سنة الأحيرة لم تسجل إلا 300 حالة ستيغماتا، وفي أول حدث من نوعه كان القديس بولص أول من زعم حدوثها له في رسالة موجهة إلى الغلوصيين Galatians (سكان وسط الأناضول في تركيا الآن)، كما حدث ذلك للقديس فرانسيس في إيطاليا في القرن الثالث عشر، وما زالت تلك الأحداث مستمرة إلى يومنا هذا. أعطيت عدة تفسيرات لحدوث ظاهرة ستيغماتا وهي تتراوح بين الخدع إلى تلك الناتجة عن تأثيرات طاقة الدماغ الذي يعاني منها. وما يثير في تلك الظاهرة أنها على الأغلب مخصصة للكاثوليكيين، ولكن حدثت أيضاً لرجل هندوسي اسمه تشايتانيا ماهابرابو (1486 - 1534) حيث قيل أنه ينزف دماً بشكل ذاتي من أنحاء مختلفة في جسمه، كما لوحظ أن ظاهرة ستيغماتا تترافق مع ظاهرة أخرى تدعى أنيديا Inedia وهي الامتناع عن تناول الطعام والشراب ما عدا الزاد اليومي من الخمر والخبز (هو القربان المقدس أو يسمى Communion كما يزعم عن العشاء الأخير مع السيد المسيح إثر معجزة المائدة) لمدة طويلة من الزمن كما حدث مع بادريه بيو الذي امتنع عن تناول الطعام والشراب وكذلك النوم لفترة من الوقت.

أيضاُ حدثت ظاهرة ستيغماتا لـ تيريزا نيومان حيث قيل أنها لم تكن تأكل شيئاً سوى وجبة واحدة من القربان المقدس Communion في كل يوم منذ عام 1922 وحتى وفاتها في عام 1962 كما قيل أنها لم تشرب الماء أبداً طيلة تلك الفترة المذكورة ولم تعاني من
آثار مرض أو تداعيات لصحتها. ومن المستغرب أن آثار ظاهرة الستيغماتا تتنوع في مناطق ظهورها في الجسم ، حيث تظهر في منطقة الرسغين في في اليدين مباشرة.


ما هي حقيقة الظاهرة وهل هناك خدعة ؟!

على مدى 50 سنة حمل القديس الإيطالي المعروف بادريه بيو علامات آثار الصلب على بشكل نزيف، والآن يتجمع عدد غفير من الناس ليحج إلى صومعته التي عاش فيه في الجنوب الأقصى لإيطاليا ويبدو أن شهرته ستستمر منذ أن قام البابا يوحنا بلوص الثاني بتطويبه قديساً . ولكن تبين لاحقاُ وبعد خمس سنوات من تطويبه قديساً من قبل الكنيسة في الفاتيكان أنه قام بخداع الناس بظاهرة الـ ستيغماتا عبر سكب الأسيد (حامض حارق) على راحتي يديه، حيث تم الكشف عن وثائق تبين أن ذلك القديس الملتحي ليس سوى مخادع.

كما نشر كتاب جديد أثار جدلاً يبين أنه لا يمكن وصف ظاهرة ستيغماتا بـ "المعجزة" على الإطلاق، بل هي حالة تعذيب ذاتي، أظهر رسم على وثيقة من أرشيف الفاتيكان، يقول فيها المؤرخ سيرجيو لوزاتو أن الراهب بادريه بيو استخدم حمض الكاربوليك النقي لصنع الجروح طيلة حياته، ولكن المؤمنين اعتبروا ذلك الكتاب انتهاكاُ للمحرمات. علاقة بادريه بيو لم تكن دائماً جيدة مع الفاتيكان حيث دارت شائعات تنتقص من طهارته وعفته وحاول إغواء امرأة عندما كانت في كرسي الاعتراف معه. وقامت سلطات الكنيسة بما وسعها لإبعاد الناس عن صورة "عبادة البطل" التي كانت تحيط بذلك الراهب. توفي بيو في عام 1968 ولكن ما زال له أتباع أوفياء ، أحبه مشاهير الأيطاليين مثل صوفيا لورين ومغني الأوبرا الكفيف أندريه بوسيلي إضافة إلى سائقي التاكسي في إيطاليا، حيث شوهد له صور مرسومة وهو ينحني أمام أقدام السيدة مريم العذراء.

0 comments:

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...